الخميس، 7 نوفمبر 2019

أعتذر عن أيّ عمل لا يرتقي إلى المستوى الفنّي المحترم.





طاهر مامللي لياقوت:

أعتذر عن أيّ عمل لا يرتقي إلى المستوى الفنّي المحترم.


في موسيقاهُ بُسِطتْ أيادي الهوى حينَ أضواها بهالةٍ أرسَلَها إلينا حينَ قدَّرَ الدّهرُ بالفراقِ علينا، قالَ سَنعودُ بعدَ قليلٍ، ونضيءُ قناديلَ العشّاقِ في زمانٍ تشيخُ به الذّئابُ. ليس أقدرعلى تصوير المشهد الفني الموسيقي أكثر ممن أضاء لنا بقعة ضوء اتسعت لأحلامنا الكبيرة حين كلُّ شيءٍ ضاق.
إنّه الموسيقار المبدع الطّاهر مامللي، كان لنا معه الحوار التالي..

- لنبدأ من آخر اعمالك (عندما تشيخ الذئاب) غنتها الفنانة سارة فرح، هل ظُلمَ هذا العمل تسويقيًّا؟
عندما تشيخ الذئاب لم يُظلم وإنما اقتصر عرضُه على المحطة المنتجة حصريًّا، وأظنُّ أنّ العمل بكامل عناصره الفنيّة سيلقى متابعةً طيّبةً إذا ما أتيح عرضه على نطاقٍ أوسع.
- هل تتّجه أغاني الشّارة لتصبخ فيديو كليبّاتٍ تُعبّر عن حالاتٍ فرديّةٍ سطحيّةٍ أكثر من كونها تُلامس وجع النّاس وقضاياهم الكبيرة؟
يجب أنْ تكونَ الشّارة جُزءًا من أسلوب العمل الدرامي ذاته، وإذا ما ابتعدتْ عن دورها في التّمهيد للمشاهد وتحضيره لمتابعة المسلسل ، تصبُّ في أرشيف صاحب الأغنية وحده سواءٌ كانت على طريقة الفيديو كليب أو غيره. لذلك نسمع شارة مسلسلٍ ما تصلح لجميع الأعمال الدراميّة دون إحداث أي تغييرٍ وذلك لعدم ارتباطها أصلاً بخطوط العمل الدراميّ ذاته .
- هل يفرض المُشَاهد على الفنّان ذائقته أم أنّ الفنان يتّجه للأعمال التّجاريَّة طلبًا للشُّهرة أو المال؟
لا يفرضُ المشاهدُ ذلك، بل على العكس تمامًا؛ فالمُشاهد يستطيع أن يُميّز ما هو تجاريٌّ وسطحيُّ وبين ما يحمل جوهر الفنّ الحقيقيّ الذي يحترم المشاهد ويحترم ذائقته، كما أنّ الفنّان الذي يملك رؤيته الخاصّة ومشروعه الفنّي يستطيع أن يحقّق الشُّهرة والمال من خلال الفنّ الرّفيع ولكن بطريقة أكثر صعوبة من تقديم الفنّ التّجاريّ والاستسهال والاستسلام لمقولة" الجمهور عاوز كده "، وخير مثالٍ على ذلك الموسيقيّ القدير عمر خيرت .
- بين (أحلام كبيرة) و(خلف القضبان) و(الانتظار) وغيرها من الأعمال وبين شاراتٍ مثل (خمسة ونص) و(لو) و(يا ريت) وغيرها فرقٌ كبيرٌ. لماذا بتنا نفتقد هذه الرّؤية إلى أغنية الشّارة؟

أظنّ أنّ أعمالاً مثل أحلام كبيرة والانتظار والتغريبة الفلسطينية وغيرها، هو ما نفتقده في درامانا وليس فقط الشّارات، وذلك بسببِ تردّي وتدنّي الأعمال الّتي ننتجها محلّيًا (بالمجمل ) بالإضافة إلى ما يسمى البان أراب والحصار الاقتصادي من ناحيةٍ أخرى.
- لماذا لم نسمع أعمالك خارج الإطار الدرامي؟
لا يوجد لديّ أعمالٌ خارج الإطار الدراميّ؛ لأنّنا نفتقر إلى مؤسسات الإنتاج الغنائيّ والموسيقيّ في سوريا على غرار مؤسّسات الإنتاج الدراميّ.
- هل كنت راضٍ عن أداء النّجمة سيرين عبد النّور لأغنية مسلسل قناديل العشّاق؟
شارة مسلسل قناديل العشاق هي حالةٌ دراميّةٌ غنائيّةٌ وموسيقيّةٌ، والفنّانة سيرين عبدالنّور تدرك إمكانيّاتها الصّوتيّة تمامًا، ولذلك لم نكن نستعرض الإمكانيّة الصّوتيّة على قدر توصيل الحالة الدراميّة فنيًّا من خلال الغناء.
- هل يحتاج الموسيقيّ عملاً عظيمًا لينتج فنًّا عظيمًا؟
إنْ كنتِ تقصدين الإنتاج الضّخم فليس هذا ما يحتاجه الموسيقيّ وإنّما يحتاج إلى عملٍ جيّدٍ ويحقق جماهيريّةً جيّدةً، فنجد مسلسل (ضيعة ضايعة) متواضعًا إنتاجيّا لكنّه مهمٌّ فنيًّا وحقّق متابعةً جيّدةً وما تزالُ موسيقاه راسخةً في نفس المشاهد أكثر من الكثير من الشّارات الموسيقيّة للكثير من الأعمال.
- من الفنّان أو الفنّانة الأقدر على ارتداء موسيقاك بالشكل الأجمل؟
(الحجر بمكانه قنطار) ولكلّ مُغنٍّ خصوصيّةٌ ما تناسب أسلوب العمل المنتج، وذلك ما يفرضه العمل إن كان تاريخيًّا أو كوميديًّا أو اجتماعيًّا، بالإضافة إلى الظّروف الإنتاجيّة للعمل.
- هل عُرضَ عليك تلحينُ أغنيةٍ لفنانٍ مشهورٍ خارج دائرة المسلسلات؟
تعاملتُ مع الكثير من مشاهير الوطن العربيّ ممن عرضوا عليّ التّعاون خارج دائرة المسلسلات، لكنّي مازلت قادرًا على تقديم مشروعي الفنيّ من خلال الدراما فلا حاجة لي" بالنّزول " والمنافسة بالسّوق التّجاريةُ.
- هالة أرسلان، وميس حرب، وديمة اورشو، وعامر خياط وغيرهم. ما الذي يغيّبهم عن السّاحة، مع أنّ النّاس أحبّتهم؟
ليس هناك أيحماية لمشاريع الفنانين في سوريا، وبالتالي إما أن يشقّوا طريقهم بأنفسهم بالكثير من الجهد والصّبر و الواسطة أحيانًا أو أن يهاجروا إلى حيث يستطيعون أن يجدوا من يقدّر موهبتهم أو ينتج لهم أو يتركوا الغناء ليجدوا مصدر رزق للعيش الكريم. وهذا حال معظم المواهب الغنائيّة وحتّى الموسيقيّة في سورية.
- إلى أيّ حدٍّ يؤثّر الإنتاج في جودة العمل الموسيقيّ؟
الإنتاج الفقير يقلّل من الجودة إلى حدٍّ ما، لكن ليس بالضّرورة أن يرفع الإنتاج الضّخم من الجودة، وهنا نتكلّم عن الجودة الفنيّة وليس التّقنيّة.
- ذكرتَ في حوارٍ إذاعيٍّ لك أنّ الاعتزال يفكّر بك، فهل قرار الاعتزال قريبٌ؟ ولمن تترك الأوتار؟
الأوتار متروكةٌ دائمًا للجميع، وحقل الإبداع مفتوحٌ باستمرارٍ للتّجريب و متاحٌ للجميع، وإذا فكّر الاعتزال بي فذلك من دواعي العُزلة الفنيّة الَّتي تنال بالتّدريج من كلّ أصحاب المشاريع بصرف النّظر عن مستواهم الفنيّ إلى حيث الطّبل والزّمر.

- مَن مِنَ الموسيقيّين الموجودين على السّاحة يعجبك وتتوسّم فيه الإبداع أكثر من سواه؟
١٣- يعجبني جميع الموسيقيين الذين يعملون بإخلاصٍ من غير استسهالٍ لأنّ الفنّ مسؤوليّةٌ ورسالةٌ وكلُّ الأسماء الّتي تعمل تحت هذا الشّعار تعجبني وأتابعها.
- هل ترى أنّ الموسيقا المرافقة للأعمال الدّراميّة لها دورٌ في شدّ انتباه المشاهد إليها مثلها مثل الصّورة والسيناريو والقصةّ؟
كلّ عناصر العمل الفنيّ مؤثّرةٌ وفاعلةٌ في نجاح العمل؛ فيُمكن لهندسة الصّوت أن تُفشل عملاً بأكمله فما بالك ببقيّة العناصر من إخراجٍ ونصٍّ وموسيقا وإضاءةٍ وأزياءَ.

- في حال حدث وأدخل طاهر مامللي موسيقاه في عمل تجاري لا يرقى إلى مستوى الأعمال المذكورة أعلاه، هل يعوّل على مستواها الرفيع وأن الحكم عليها منفصل عن الحكم على العمل، أم سيعتذر عن إقحام اسمه في مغامرة كهذه؟
سأعتذر عن إقحام اسمي في أي عمل لا يرتقي إلى المستوى الفني المحترم، والفنان إنسان في النهاية وليس معصوما عن الخطأ، ولكن في المقابل فإن الجمهور ليس غفورا وليس رحيما.
- لماذا لا نراكَ في أمسياتٍ موسيقيّةٍ كالتي أحييتها من قبل سواء في دار الأوبرا أو غيره؟
الأمسيات الموسيقية تحتاج إلأى تمويل وإنتاج وأجور موسيقيين ويبدو أن هذا ليس من أولويات المؤسسة الثقافية عندنا، لذلك نحن بانتظار الإنتاج الخاص والمحسنين.
بقلم: نورهان النداف

0 Comments

إرسال تعليق