كعادتها الأيّام، تولّد أيّاماً ناقصة، كأنّ الطّبيعي أن يبقى الواحد منّا أسير الأماني الغائبة. إنّه البحر ثانيةً، تظنّ أنّك تعرفه، وإذ بك تمحو ما عرفت؛ لأنّك ترى فيه صفحة روحك المتغيّرة، وها هو الأسف يأكلني، كما في كلّ مرّة لم تكن فيها شريك طاولتي ويدي، ولست أعرف نهاية لهذه الخطوات البطيئة المراوغة نحوك، التي تجرّ نفسها جرًّا نكايةً بقلّة صبري، أنا التي تؤمن باستعداد امرأةٍ لقطع مسافات شاسعة لرؤية عينين تحبّهما، ولكنّ هذا البحر الذي يشبهك يشهد على قلّة حيلتي، وهواني على الحُبّ السيّد.
أُكرمت حيث ذهبت؛ إذ أجّروني واحداً من أحلامي، بيتًا صغيراً على كتف البحر، وهدوءً لم أنعم بمثله منذ أعوام، وشُرفةً سمحت لروحي بالشّرود، لكنّ أحداً لم يستطع أن يأتيني بك.
ستقرأ، وتتنهّد، وتقول: لم يغيّرها الوقت؛ قلبٌ ملتهب، وخطوةٌ عزيزة، ونحيبٌ على باب الحُبّ الذي يمدّ يده ولا تفتحه، وسأهزّ رأسي مصادقةً على قولك، وأكتب إليك: راودني البحر عن نفسه، وأرسل إليّ أمواجه البيض كأرواح أحبّةٍ راحوا، فأطعمتها حُبّ يدي، وعففت عن الغرق الجريء مرّتين.
يا لَأرجوحة الحِسّ الحائر، "أحبّك، وأتمرّد عليك"، وأبقى في مكاني، بينما صوتي يهاتفك:
- الو .. أنا في شوق إلى أن أصِلك، أجل، بالمعنى الذي فهمته، ولا علاقة للمسافة بالأمر.
وأنت على الطرف الآخر تأخذ نفساً عميقاً، بينما أشرب صوتي الباكي في كأس ماء.
بقلم : نور كريدي
اقرأ المزيد من شغف هنا
0 Comments
إرسال تعليق