"هل من الطبيعي ألّا يكون لديّ موهبة؟". كان هذا سؤالها، وأردفت أنّها بحثت عنها طويلاً، ولمّا تجدها، فكان لا بُدّ من أن أُجيب، كان لا بُدّ من أن أخبرها أنّه طبيعيٌّ جدّاً، وأنّه قد تكون حياتها العاديّة أفضل من حياة الكثير من الموهوبين، وأكثر استقراراً، وأكثر هدوءً، واعتدالاً، وأنّها ليست أقلّ منزلةً منهم. كنتُ أحاول جذبها من يد اندفاعها كي لا تسقط في فخّ تصنيفٍ يبخسُ قَدْرَ الخارجين عنه، ووددتُ لو أريها شريطاً حياتيّاً يعرض القلق الذي تخلقه الموهبة، وعدم الرّضا الذي تؤرّثه حين تكون حقيقيةً ولا يتناسب فضاؤها مع واقعٍ محدود، وكيف أنّ الجمال الذي تراه مرسوماً، أو مكتوباً، أو منحوتاً، أو مؤلّفاً، يُنسجُ على نَوْلٍ من الانفصال عن العالم، والانفراد بالفكرة، وكيف أنّهم لو عرفوا عن حياتها الطبيعيّة لاشتروا منها نومها الهانئ، ونظرتها غير المبالغ فيها إلى الشمس المشرقة لأنّ هذا هو دورها ببساطة، والنبتة التي تنمو على مهلٍ، وقول الأشياء كما هي دون الانشغال بظلال معناها، والجارة الفقيرة التي تأكل من صحنها دون أن تتحول إلى قضيّةٍ، وألوان المنزل المتناسقة بالذوق دون أن تدور في البال ألف فكرة عن كيفيّة خلْق هذا التناسق، والتعامل مع الناس بالحسّ، والفطرة، دون هذا الاختراق المُتعب لشخصيّاتهم؛ كلّ هذا يتعامل معه الموهوبون الحقيقيّون بفهْمٍ مُرهِقٍ، وتفاصيلَ لا تترك مجالاً للبساطة، وبقُربٍ مُخيفٍ من لوحة الحياة، وإنّ طبقاً تُجيدُ إعداده بحُبٍّ، و كنزة صوفٍ تحيكها لأمٍّ طاعنة في العطاء، ونشأةً صالحةً تُنشئ عليها طفلاً، تقابل في جمالها قصيدةً، وكتاباً، ونغمةً جديدة، وكما يستمتع الموهوب بما وُهِب، ويراه دوره في الحياة، يجب أن يستمتع أولئك الذين وُهبوا البساطة، وراحة البال من تحليل الأيّام، وتركيبها، وإعادة صياغتها، ولو كان الأمر أن يكون لكلّ نَسَمةٍ مخلوقةٍ موهبة لاكتفى كلٌّ بعدسة موهبته، وما احتاج إليه الآخرون.
بقلم: نور كريدي
0 Comments
إرسال تعليق