حانَ وقتُ وضعِ النُّقاطِ على الحُرُوف
جملةٌ اعتدنا قولَها في المواقفِ الَّتي تُوجبُ الحزمَ والتَّدبيرَ وإعادةَ الأمورِ إلى نصابِها، ولكن هل يعرفُ واحدُنا شكلَ اللُّغةِ العربيَّةِ قبلَ إكساءِها بالنُّقاط؟
هل يعرفُ منِ الَّذي نَقَطَها؟ ولِمَ نقطها؟
في العصر الرَّاشدي وبأمرٍ من خليفةِ المسلمين عليٍّ بن (أبي) طالب كرَّمَ اللَّهُ وجهَه وضع ظالمٌ بن عمرو بن سفيان الدُّؤليّ الكنانيُّ المعروفُ (بأبي) الأسود النُّقاطَ على الأحرفِ العربيَّة وضَبَطَ أحرفَ المُصحفِ بالشَّكلِ خوفًا على اللُْغةِ وحفاظًا على معنى القرآن بعد انتشار اللَّحنِ على ألسنةِ النَّاس.
يعدُّ (أبو) الأسود أوَّلَ واضعٍ لعلمِ النَّحو، ولم تتوقَّف مهمَّتُه بكونِه رجلَ علمٍ فقط، بل كان رجلَ دولةٍ ولّاهُ عليٌّ بن أبي طالب إمارةَ البَصْرة، كما شارك في (معاركَ) عدَّة كانت معركتا صفِّين والجمل أبرزَها.
لم يكتفِ (أبو) الأسود بالعلمِ ميداناً لقلمِه فقرضَ الشِّعرَ وشهدَ الأوَّلون بإجادتِه، وأُثِرتْ عنهُ (قصائدُ) عدَّة جُمعتْ في ديوانه.
ومن ذلك قوله:
لا تُرسِلَنَّ مقالةً مشهورةً
لا تستطيعُ إذا مضتْ إدراكَها
لا تُبدِيَنَّ نميمةً نُبِّئتَها
وتَحَفظَنَّ منَ الَّذي أَنبَأكَها
لقد كان (لأبي) الأسود فضلاً كثيرًا حفظه له من أتى بعده من العلماء والأدباء فذكروه وحفظوا فضله ومن أبرز هؤلاء:
(أبو) الفرج الأصفهاني/ابن حجر العسقلاني/ابن سلام/الجاحظ/الآمدي/ابن خلكان
فارق (أبو) الأسود الدنيا في البصرة مريضا بالفالج مصابا بالعرج. أمات الطاعون (أبا) الأسود عن عمرٍ يناهز الخامسةَ والثَّمانين بعد أن خلَّف علمًا كثيرًا.
0 Comments
إرسال تعليق