سنمضي معكم في رحلة نبدأها من كواليس منظمة الصحة العالمية والتي تعد الجهة العالمية المخولة رسميا بنشر أي معلومات جديدة عن أي اكتشاف متوقع في سبيل تحجيم جائحة الكورونا وضبطها.
منذ أكثر من 40 يوما أعلنت منظمة الصحة العالمية عن توصل مراكز الأبحاث العالمية لأكثر من 20 عقارا لعلاج فيروس كوفيد 19 أو الوقاية منه.
ودخلت هذه العقارات فعليا بمرحلة الاختبارات السريرية على البشر، ولكنها أكدت في الوقت نفسه أن وصول هذه الأدوية لمرحلة الإنتاج التجاري تحتاج من 12 وحتى 18 شهرا من الاختبارات الضرورية اللازمة قبل اعتماد الدواء.
هنا يتبادر إلى أذهان الجميع سؤال محير، لماذا يحتاج اختبار دواء تم اكتشافه لأكثر من سنة ونصف من التجارب حتى يصل إلى محتاجيه من المرضى؟
مراحل اعتماد أي دواء جديد تمر عبر سلسلة طويلة من الاختبارات نتيجة التشريعات والقوانين الصارمة المتبعة، والتي تغيرت وتطورت عبر التاريخ بسبب وقوع عدد من الحوادث العالمية الناجمة عن اعتماد أدوية أدت بعد استخدامها إلى وفاة عدد كبير من المرضى، وهنا نذكر على سبيل المثال لا الحصر مأساة إكسير السلفوناميد التي حدثت عام 1937 ومأساة التاليدوميد عام 1962 .
المراحل الأولى لاكتشاف الدواء عادة تتم في الجامعات أو المراكز البحثية، حيث يطلق مصطلح "تطوير الدواء" على العمليات التي تجري بعد اكتشاف مادة من المحتمل أن تكون دواء لكي نحدد صلاحيتها كعلاج .
ثم تبدأ عملية اعتماد الدواء بتقديم دراسات ما قبل سريرية للمادة الفعالة عبر سلسلة من التجارب اللازمة لدراسة تأثيرها على الحيوانات، وفي حال نجاحها تعطى الموافقة على إجراء التجارب علىالبشر.
لتبدأ التجارب السريرية على البشر المتطوعين والتي تقسم إلى ثلاث مراحل تجريبية:
المرحلة الأولى: بشكل عام تدرس فيها سمية الدواء على متطوعين أصحاء.
المرحلة الثانية: تدرس فيها حركية الدواء والجرعات المناسبة وتكون هذه الدراسات على المرضى.
المرحلة الثالثة: تجرى دراسة كبيرة على فعالية الدواء بالنسبة للمرضى.
وطبعا كل مرحلة من المراحل السابقة تحتاج عدة أشهر لتنفذيها، لأن الدواء عبارة عن مواد كيميائية مصنعة مخبرياً وأعراضها الجانبية على الجسم لا تظهر بين يوم وليلة إنما قد تظهر بشكل
تدريجي مع مرور الأيام.
بعد الانتهاء من المرحلة الثالثة يتم تقديم طلب للهيئة أو المنظمة المسؤولة عن منح موافقات اعتماد الأدوية الجديدة، حيث تقوم بمراجعة بيانات المنتج وتحديد نسبة فائدته إلى مخاطره، وبعدها تصدر قرارا بالسماح بإنتاج المركب أو منعه.
أيضاً يجب الإشارة إلى أمر في غاية الأهمية وهو أن مركبا واحدا فقط من أصل 10 آلاف مركب ينجح باجتياز كامل اختبارات السلامة ويصل إلى الأسواق.
اعداد : محمد هاني حرح
لمشاهدة تجسيد المقال على اليوتيوب اضغط هنا
0 Comments
إرسال تعليق