لم تكن الدراما يوماً بالنسبة إلي للتسلية، أنا أقتل فيها ركود الحقيقة، وأملأ كأس الخيال، ومن أحلامي التي أخشاها بقدر ما أحبها أن أكتب شيئاً متلفزاً.
في ورشة كتابة السيناريو كان لكل منّا فكرته، وكانت تكبر، أو تتلاشى بقدر إيمانه بها، أو عدمه، فاتجهتُ إلى طرح المرض النفسي من باب أنه يجذبني من جهة، وأن معالجته في درامانا خجولة، وطرحه قليل من جهة ثانية، فاخترت اضطراب الهوية التفارقي، وهو تعدد في الشخصيات يعيشه المريض كأنه حقيقة، ويتعايش مع شخصياته، وطباعهم، وتفاصيلهم، وغير ذلك مما يفيض علم النفس به حول هذا المرض، لكنني لم أكمل الحكاية، أغلقت بابها وحرت في طريقة للدخول في المَشاهد.
ومنذ أيام، وجدت هذا المسلسل السوري بعنوان (قيد مجهول) يطرق بابي، فشاهدته، وتفاعلت مع شخوصه، ومع سوريته الصرفة، وموسيقاه، وحركة الكاميرا فيه، والثنائي الذي يبهرني: باسل خياط، وعبد المنعم عمايري، وإذ بالعمل يحمل فكرة اضطراب الهوية التفارقي، فانتابني الحزن، وخالطه الرضا.
حزنت لأن الفكرة مقبولة في الساحة، لكن نالها من أقدم على كتابتها ولم يركن أوراقها على رف مكتبته، ثمّ رضيت بالخسارة؛ لأن العمل مطروح بشكل لافت، وجذاب، وانفعالي يشبه الحالة.
احترق كرت الفكرة عندي، لكن كان درساً مهماً في الإيمان بالفكرة، والعمل عليها، والسعي من أجل أن تصبح حقيقة.
اعداد : نور كريدي
0 Comments
إرسال تعليق