الأحد، 24 نوفمبر 2019

الانترنت بين الإفادة والضياع

بقلم: نورهان النداف

منذ أن وجد الإنسان على هذا الكوكب وهو في بحث دائم عن الحقيقة، بادئا بالتاريخ ومنتهيا بما يستطيع نشله من أسرار المستقبل. كانت قصص الأجداد وحكاياتهم أوّلَ أساليب التأريخ، يتناقلونها بالمشافهة بينهم، فلما اهتدى الإنسان إلى فن الكتابة حوّل قبلته ناحية المكتوب من مخطوطات السابقين ثم كتبهم ومجلداتهم إلى عهد قريب.
وما إن فتحت الثورة الرقمية بابها لكل احتياجات الإنسان ومتطلباته حتى صار توثيق التاريخ أول مبتغاه منها؛ فبدأ بصناعة الأفلام الوثائقية المسموعة ثم المرئية، مما جعل الناس يعتقدون بتجلي الحقائق جميعا في شاشة  ليستغنوا شيئا فشيئا عن وسائل المعرفة الأولى سيما بعد سيطرة الشبكة العنكبوتية على مفاصل حياة الإنسان فغدت _في نظره_ أم العلوم وباب الأبواب لا يتوانى في سؤالها ما يريد، حتى صار يرسم حياته وفق خطوطها الجاهزة، يقف في فيئها مستظلا مما يحرق جلد فكرته، ليركن إلى تسليمه بما يصيبه منها.
باتت المكتبات الورقية اليوم عبئا ثقيلا على أصحابها، لا يصيبون منه إلا النزر اليسير، ومع كل الإيجابيات التي تحققها هذه التساهيل في الوصول السريع والمجاني ربما إلى المعلومات ، إلا أن لهذه المجانية المادية ضريبة فكرية باهظة الثمن لو نظر إليها على المدى البعيد؛ فلو أمكن توقع ما سيكون من أمر البشرية بعد مئة عام، لأبصرنا بوضوح مدى سيطرة المادة على المعنى في خلو الشوارع من المكتبات ودور النشر ليحل مكان ذلك كله مربع تعيس يشبه الزنزانة المنفردة التي يوضع فيها أخطر السجناء وأكثرهم عدائية.
ستصبح الشابكة البوابة الوحيدة للمعرفة، لتغدو الحقائق التاريخية أمرا أشبه بالأضحوكة!
...
ترى ما هي الحلول الممكنة لتفادي مخاطر الانترنت؟
شاركونا آراءكم

0 Comments

إرسال تعليق