أنا لا عيون لوجهي ولكن عيون فؤادي وساع كبار، ترى ما ترون وما لا ترون وما لا أرى..
وأنا الذي مفتاح لبي ضاع مني ولكن قلبي كثير القفول مفاتيحه معكم تمنعوها.
وأنا حبيس بنفسي غريب ولكن روحي تغرد فاسمعوها.
على موعد مع الحب التقى ذوو الهمم على مسرح ثقافي كفر سوسة في دمشق في الخامس من كانون الأول الجاري، بإشراف الأستاذة دينا سعيد فارس واحتضان وزارة الثقافة والمركز الثقافي بالتعاون مع مدرسة بسمة أمل التي احتضنت الفعالية وجعلت من ورودها بستانا أدبيا وفنيا متنوعا ضم مجموعة من الأطفال المكفوفين والمتوحدين ممن تباينت قدراتهم الجسدية والعقلية ليشكلوا توليفة جميلة تلفت القلب إلى أرواح تحتاج المزيد والمزيد من الرعاية والعطاء المادي والمعنوي.
وقد تضمنت الفعالية عرضا فنيا متنوعا بين القصة والمسرح والشعر حمل عنوان (حاجتي حب يضيء الدرب) قدمه النجوم التالية أسماءهم:
حسام محفوض
جمال بيطار
علي قديراني
حنين التكلة
هديل الخولي
وسام رمضان
براء الزعبي
أحمد رحيم
جنى الزايد
عبد الرحمن نصر
جودي كتكوت
وشرفها الأستاذ فادي الطالب ذو البصيرة المرهفة بجميل شِعره.
ولكن هذه الفعالية خفيفة الخطا لا نسمع بها إلا قليلا، فما سبب قلة هذه الفعاليات أو فلنقل ندرتها؟ وما العوامل التي تساعد في تطويرها وتقديمها بشكل أكثر حرفية؟
تجيبنا عن هذا السؤال الأستاذة دينا سعيد فارس، التي أنجزت هذا النشاط إعدادا وتأليفا وإخراجا، والتي قالت:
أبدأ القول بالحديث عن الدافع وراء هذه الفعالية، ودافعي هو الحب، وبالحديث عن الفعالية ضمن نطاق ذوي الاحتياجات الخاصة أقول إننا جميعا ذوو احتياجات خاصة؛ ففاقد الحب لا يسكن احتياجه إلا بالحب وفاقد العلم لا يسكن احتياجه بغير العلم وفاقد المعرفة ذو احتياج خاص حتى يبلغ حاجته من المعرفة وأنى يكتمل أحد! وفاقد السمع كذلك وفاقد البصر وفاقد أي عضو كذلك.
واحتياجي الخاص لهذه الفعالية أتى من محبتي لهؤلاء الأطفال ذوي الطاقة الإيجابية التي تكفي العالم بما فيها من أمل وإرادة وتحدٍّ وثقة بالله عز وجل والتي شكلت خلطة سحرية للوصول إلى أهدافهم.
لم يكن الهدف من الفعالية أن نقدم عرضا متكامل الجوانب مع كل التنوع الذي حملته بين قصة وفكاهة ومسرحية مما ألفوا معظمه وساعدتهم في صوغه وإخراجه بصيغة مناسبة، ونحن مع كل ذلك لم ننشد الكمال والإتقان من هذا العمل فهو ما لا يطلب من الأطفال ولا يجيده حتى ممثلو الدرجة الأولى، إنما القصد عفوية العرض ولاسيما أن ممثليه من ذوي الكف والتوحد ممن توقفوا عن العلم وانقطعوا عن المدرسة لسنوات طويلة حتى إن بعضهم لم يدخل المدرسة أصلا.
الطفل الذي تقرأونه بين هذه السطور وبعدسات من صور وبعيوني انقطع عن التعليم لمدة أقلها عام واحد وأكثرها سبعة أعوام ومنهم من لم ينل أي تعليم ترونه الآن بعد ثلاثة أشهر من التواصل مع اللغة العربية وثلاثة أسابيع من التدريب للفعالية، فكان هذا المنتج لندعو قلوبكم والمؤسسات الحكومية والمؤسسات الخيرية والمجتمعية الخاص منها والعام لرؤية ما يستطيعه هؤلاء الأطفال، فهم كنز دفين لا ينضب.
نضيف إلى ذلك ما يترتب على أهليهم ممن تفاوتت قدراتهم المادية؛ فمنهم الثري ممن أفادته قدرته المادية لتطوير ابنه والعناية به، ذلك أن العناية بذي الاحتياج الخاص _كي نكون موضوعيين_ تحتاج إلى القدرة المادية لتوفير الرعاية الصحية والعلمية، ونرى بالمقابل فئة فقيرة عاجزة عن تقديم الرعاية اللازمة لهذه الإمكانيات الخاصة، إلا أن هناك فئة لا يعجزها المال بل يعجزها ضعف إيمانها بهذه الهبة السماوية.
والإيمان مسألة ضرورية في هذا الشأن تؤثر تأثيرا كبيرا قد نجده عند الفقير الذي لا يملك إلا أن التحفيز لطفله، وهو ما فعلته والدة الطفل حسام الذي احتوته مدرسة بسمة أمل وقدمته إلينا ليخرج منه الخير الكثير رغم أن ذاكرته مؤقتة وهذا أمر لازمه منذ الولادة إلى جانب الكف، واليوم نجده فصيح اللسان نشيطا ومتفاعلا لم تملك أمه من الأمر سوى أن ترسله إلى مدرسة بسمة أمل بشكل يومي وهي أم لثلاثة أطفال متماثلين في وضعهم الصحي.
حسام اليوم كالطير بنشاطه وحماسه يطير ويحلم أن يصبح أستاذا جامعيا يسعى لتحقيق هدفه بتحفيز أمه ليستيقظ كل يوم ينتظر أن ترسله أمه إلى المدرسة.
أما دورنا نحن بصفتنا مؤسسات فإننا نعاني
عدم الكفاية وعدم الدراية من قبل المجتمعات الأهلية التي تضع مالها وإمكانياتها في المكان غير المناسب، مما يستلزم تسويقا إعلاميا يحقق التشابك الصحيح بين المؤسسات التعليمية العامة والمؤسسات التعليمية الخاصة حتى نضع إمكانياتنا في المكان المناسب ونهبها للشخص المناسب.
هذه الفعالية _على سبيل المثال لا الحصر_ تكاليفها عالية وقد يحملها شخص واحد على عاتقه تعينه المراكز الثقافية على التراخيص والتدريبات والحجوزات وهي مشكورة على ذلك، ولكن هناك أمور أخرى لا تستطيع المراكز تغطيتها، فهناك الكثير من الفعاليات على مدار العام مما يستلزم تضافر جهود المؤسسات العامة والخاصة والجمعيات الأهلية والمنظمات العالمية بما يحقق الرعاية المثلى لذوي الاحتياجات الخاصة، بالإضافة إلى ما تقدمه المؤسسات الراعية مشكورة.
فهذه الفعالية إذن بقعة ضوء لانطلاق أفئدة هؤلاء الأطفال على أمل أن يروا الخير على أيديكم ويسمعوا رسائل قلوبكم دعما واحتفاء وتأهيلا وتطويرا
بقلم : نورهان النداف
وأنا الذي مفتاح لبي ضاع مني ولكن قلبي كثير القفول مفاتيحه معكم تمنعوها.
وأنا حبيس بنفسي غريب ولكن روحي تغرد فاسمعوها.
على موعد مع الحب التقى ذوو الهمم على مسرح ثقافي كفر سوسة في دمشق في الخامس من كانون الأول الجاري، بإشراف الأستاذة دينا سعيد فارس واحتضان وزارة الثقافة والمركز الثقافي بالتعاون مع مدرسة بسمة أمل التي احتضنت الفعالية وجعلت من ورودها بستانا أدبيا وفنيا متنوعا ضم مجموعة من الأطفال المكفوفين والمتوحدين ممن تباينت قدراتهم الجسدية والعقلية ليشكلوا توليفة جميلة تلفت القلب إلى أرواح تحتاج المزيد والمزيد من الرعاية والعطاء المادي والمعنوي.
وقد تضمنت الفعالية عرضا فنيا متنوعا بين القصة والمسرح والشعر حمل عنوان (حاجتي حب يضيء الدرب) قدمه النجوم التالية أسماءهم:
حسام محفوض
جمال بيطار
علي قديراني
حنين التكلة
هديل الخولي
وسام رمضان
براء الزعبي
أحمد رحيم
جنى الزايد
عبد الرحمن نصر
جودي كتكوت
وشرفها الأستاذ فادي الطالب ذو البصيرة المرهفة بجميل شِعره.
ولكن هذه الفعالية خفيفة الخطا لا نسمع بها إلا قليلا، فما سبب قلة هذه الفعاليات أو فلنقل ندرتها؟ وما العوامل التي تساعد في تطويرها وتقديمها بشكل أكثر حرفية؟
تجيبنا عن هذا السؤال الأستاذة دينا سعيد فارس، التي أنجزت هذا النشاط إعدادا وتأليفا وإخراجا، والتي قالت:
أبدأ القول بالحديث عن الدافع وراء هذه الفعالية، ودافعي هو الحب، وبالحديث عن الفعالية ضمن نطاق ذوي الاحتياجات الخاصة أقول إننا جميعا ذوو احتياجات خاصة؛ ففاقد الحب لا يسكن احتياجه إلا بالحب وفاقد العلم لا يسكن احتياجه بغير العلم وفاقد المعرفة ذو احتياج خاص حتى يبلغ حاجته من المعرفة وأنى يكتمل أحد! وفاقد السمع كذلك وفاقد البصر وفاقد أي عضو كذلك.
واحتياجي الخاص لهذه الفعالية أتى من محبتي لهؤلاء الأطفال ذوي الطاقة الإيجابية التي تكفي العالم بما فيها من أمل وإرادة وتحدٍّ وثقة بالله عز وجل والتي شكلت خلطة سحرية للوصول إلى أهدافهم.
لم يكن الهدف من الفعالية أن نقدم عرضا متكامل الجوانب مع كل التنوع الذي حملته بين قصة وفكاهة ومسرحية مما ألفوا معظمه وساعدتهم في صوغه وإخراجه بصيغة مناسبة، ونحن مع كل ذلك لم ننشد الكمال والإتقان من هذا العمل فهو ما لا يطلب من الأطفال ولا يجيده حتى ممثلو الدرجة الأولى، إنما القصد عفوية العرض ولاسيما أن ممثليه من ذوي الكف والتوحد ممن توقفوا عن العلم وانقطعوا عن المدرسة لسنوات طويلة حتى إن بعضهم لم يدخل المدرسة أصلا.
الطفل الذي تقرأونه بين هذه السطور وبعدسات من صور وبعيوني انقطع عن التعليم لمدة أقلها عام واحد وأكثرها سبعة أعوام ومنهم من لم ينل أي تعليم ترونه الآن بعد ثلاثة أشهر من التواصل مع اللغة العربية وثلاثة أسابيع من التدريب للفعالية، فكان هذا المنتج لندعو قلوبكم والمؤسسات الحكومية والمؤسسات الخيرية والمجتمعية الخاص منها والعام لرؤية ما يستطيعه هؤلاء الأطفال، فهم كنز دفين لا ينضب.
نضيف إلى ذلك ما يترتب على أهليهم ممن تفاوتت قدراتهم المادية؛ فمنهم الثري ممن أفادته قدرته المادية لتطوير ابنه والعناية به، ذلك أن العناية بذي الاحتياج الخاص _كي نكون موضوعيين_ تحتاج إلى القدرة المادية لتوفير الرعاية الصحية والعلمية، ونرى بالمقابل فئة فقيرة عاجزة عن تقديم الرعاية اللازمة لهذه الإمكانيات الخاصة، إلا أن هناك فئة لا يعجزها المال بل يعجزها ضعف إيمانها بهذه الهبة السماوية.
والإيمان مسألة ضرورية في هذا الشأن تؤثر تأثيرا كبيرا قد نجده عند الفقير الذي لا يملك إلا أن التحفيز لطفله، وهو ما فعلته والدة الطفل حسام الذي احتوته مدرسة بسمة أمل وقدمته إلينا ليخرج منه الخير الكثير رغم أن ذاكرته مؤقتة وهذا أمر لازمه منذ الولادة إلى جانب الكف، واليوم نجده فصيح اللسان نشيطا ومتفاعلا لم تملك أمه من الأمر سوى أن ترسله إلى مدرسة بسمة أمل بشكل يومي وهي أم لثلاثة أطفال متماثلين في وضعهم الصحي.
حسام اليوم كالطير بنشاطه وحماسه يطير ويحلم أن يصبح أستاذا جامعيا يسعى لتحقيق هدفه بتحفيز أمه ليستيقظ كل يوم ينتظر أن ترسله أمه إلى المدرسة.
أما دورنا نحن بصفتنا مؤسسات فإننا نعاني
عدم الكفاية وعدم الدراية من قبل المجتمعات الأهلية التي تضع مالها وإمكانياتها في المكان غير المناسب، مما يستلزم تسويقا إعلاميا يحقق التشابك الصحيح بين المؤسسات التعليمية العامة والمؤسسات التعليمية الخاصة حتى نضع إمكانياتنا في المكان المناسب ونهبها للشخص المناسب.
هذه الفعالية _على سبيل المثال لا الحصر_ تكاليفها عالية وقد يحملها شخص واحد على عاتقه تعينه المراكز الثقافية على التراخيص والتدريبات والحجوزات وهي مشكورة على ذلك، ولكن هناك أمور أخرى لا تستطيع المراكز تغطيتها، فهناك الكثير من الفعاليات على مدار العام مما يستلزم تضافر جهود المؤسسات العامة والخاصة والجمعيات الأهلية والمنظمات العالمية بما يحقق الرعاية المثلى لذوي الاحتياجات الخاصة، بالإضافة إلى ما تقدمه المؤسسات الراعية مشكورة.
فهذه الفعالية إذن بقعة ضوء لانطلاق أفئدة هؤلاء الأطفال على أمل أن يروا الخير على أيديكم ويسمعوا رسائل قلوبكم دعما واحتفاء وتأهيلا وتطويرا
بقلم : نورهان النداف
0 Comments
إرسال تعليق