يا حبيبي، منذ أن مَسّني هواء فجر دمشق اليوم وأنا أشعر بلذّة الكلمة هذه، ولو طُلتُ أن أقلب الملكيّة فيها إلى نسبة لفعلت، فيقولون: نسبة إلى الحبيب. ما بيننا كلام مسكوتٌ عنه، وحياةٌ تشدّ المرء من حاجته، فيشيب، ويترك دُمى رغائبه مُلقاةً على طريق النّسيان، أو مُخبّأةً في "غرفة الكراكيب" حيثُ كلّ ما يحبّ الاحتفاظ به، ولكنّه لا يملك ترف الوقت ليتأمّله. لا، ليست من بنات أفكاري، إنّما ما تريد الحياة أن تُثبته، وما تريد أن تصنعه بالإنسان الحديث إلى أن تراه آلةً ممنوعةً من إيقاف الرّكض لتأمُّل زهرةٍ، أو شرودٍ في السّماء، أو في عيني محبوب، وإلّا أكلها الصّدأ، وحلّت محلّها آلةٌ أُخرى، أمّا أنا، فأريد لنا الهروب من زمن الحديد، وأن ألقاك، فيغلي في عروقي دمُك، ويلمع تحت شمس هذا الهروب ندى جبينك، ونُسرف في الوقت، نُبدّده كلاماً لا تصنعه آلة، وحياة واحدة لا تكفيه، فاهرُبْ إليّ، أنا الرّحْبُ من أمكنة الحُبّ، والحقيقيّ من أزمنته، وأهربُ إليك، أنتَ الثّابت من الأماني، والأخضر من سنبلات زمان القحط، ونهرب معاً إلى ما بيننا من حُبّ، فهو الحقيقة التي تشفّ عن المعنى ذاته مهما تعدّد رُواتها، ويربح حربها الغالب والمغلوب.
يا حبيبي، يُذكّرونني بأنّ الرّسائل تبدأ باسم المُرسَل إليه منذ أن أُلهِمَ الإنسان اللغة يبعث بها، ويستقبلها، ولكنّني نسيت اسمك في خِضمّ معناك، فآثرتُ من حينه أن تُشرق شمسُ هذا المعنى في قلب كلٍّ منهم باسم من يُحبّ، فإنّ اسمك لي وحدي، أمّا ما يتقاطع المُحبّون معنا فيه من خيوط نور هذا الحُبّ، فهو أقوى من أن أحتكره..
بقلم: نور كريدي
0 Comments
إرسال تعليق