الخميس، 6 فبراير 2020

العيادة النفسية، متى نلجأ إليها ومتى نتناول الأدوية..

لم تعد العيادة النفسية مكانًا خاصاً بفئة المختلين عقليًا كما كان سائدًا في المجتمع، ولم تعد مراجعة الطبيب النفسي أمرًا مخجلاً في عصر نضجت فيه المفاهيم بما فيه الكفاية ليعرف كلُّ منا أنّ الرّوح تحتاج أكثر مما يحتاج البدن إلى التداوي. 
مادتنا هذه حول النظرة الجديدة إلى العلاج النفسي وكيفية اختيار المعالج الأنسب، أفادنا فيها الدكتور أحمد هارون مستشار العلاج النفسي والأسري وعضو الجمعية الأمريكية لعلم النفس APA وعضو الجمعية الدولية للعلاج الأسري والزواجي IFTA
كان لنا معه الحوار التالي.. 
1. متى يتعين على الفرد مراجعة العيادة النفسية؟
يتعين على الفرد مراجعة العيادة النفسية إذا أصبحت المشكلات التي يتعرض لها تعطّل حياته اليومية وتُعيق تحقيق أهدافه ونجاحاته، بحيث لا يستطيع السيطرة عليها وإيجاد الحلول المناسبة لها. وأصبح الآن اللجوء للعيادات النفسية أمراً مرغوبًا وليس معيبًا وهذا دليل على وجود قدر كبير من التوعية النفسية؛ فلم يعد اللجوء للعيادات النفسية اليوم بسبب وجود اضطراب أو مرض نفسي أو عقلي محدد ولكن لتغير حياته للأفضل.
2. كيف نفصل بين الشعور العارض أو الحالة المؤقتة التي يمر بها الإنسان وبين الإضطراب؟
جميع البشر عرضة للمشكلات النفسية ولكن الذي يفصل شخصًا عن آخر هو قدرة الشخص واستعداده لمواجهتها، ونفصل بين الشعور العارض والحالة المؤقتة وبين الاضطراب إذا زاد شعور الشخص بالأعراض لمدة تزيد عن أسبوعين. هنا وجب عليه التداوي (تداووا عباد الله) (من لم يتداوَ فهو آثم).
3. ذكرت في أحد حواراتك التلفزيونية أنّ كلمة مرض نفسي أصبحت ملغاة من قاموس الطب اليوم واستبدلت كلمة اضطراب بها فما الذي تغيره هذه النظرة الجديدة؟
نعم كلمة مرض تم حذفها من المصطلحات الطبية العالمية؛ لم يعد هناك كلمة deses وتم استبدالها ب disorder أي اضطراب. 
جميع البشر عرضة للمشكلات النفسية بشكل أو بآخر
المشكلات النفسية إن لم تحل تتفاقم مثل كرة الثلج تجري وتكبر وقتها تصبح اضطرابات.
4.متى يلجأ الفرد إلى الأدوية في العلاج؟
من يعالج بالأدوية هو طبيب النفسية والعصبية أما المعالج النفسي فلا يحق له كتابة أدوية
والدواء بوجه عام هو عامل مساعد في العلاج وليس كل العلاج ويتم اللجوء إليه في حالات الاضطراب الذهانية أما الاضطرابات العُصابية فيتم علاجها دون أدوية أو عقاقير طبية.  فمع تقدم العلاج النفسي أصبح يتم علاج جميع الاضطرابات النفسية مثل القلق، الاكتئاب، الوسواس القهري، الرهاب الاجتماعي... إلخ دون اللجوء لأي أدوية إطلاقاً.
5. أطباء العيادات النفسية في الوطن العربي عموماً هل يلجؤون إلى وصف الأدوية المهدئة لإنقاذ أنفسهم في مواقف لا يعرفون لها علاجًا؟
القائمون بعملية العلاج النفسي ينقسمون إلى قسمين: الأول: طبيب النفسية والعصبية ويكون خريج كلية الطب ويعالج بالأدوية. 
الثاني: هو المُعالج النفساني يكون خريج كلية الآداب قسم علم نفس ويعالج جميع الاضطرابات النفسية دون أدوية كما أوضحنا سابقاً. 
إن الدواء عامل مساعد وليس كل العلاج ويتم وصفه في حالات الإضطرابات الذهانية. 
6. كيف يختار الفرد طبيبه النفسي وما المعايير التي تحدد جودة الطبيب وأمانته؟
جعل الله النفوس بين الصدور لا تُرى لأنها أولى بالستر من العورات، فإن كان كشف العورات يؤدي إلى ضرر فكشف النفوس أشد ضرراً، فيجب ألّا يتعرّى أي إنسان نفسياً إلا أمام من منحة الله ملكات الستر عليه، قبل اللجوء إلى المعالج النفسي يجب الاطلاع على السيرة الذاتيه الخاصه به ما الشهادات التي حازها؟ ما الكتب التي ألفها؟ وهل هو مُعتمد من وزارة الصحة ولديه رخصة العلاج النفسي أم لا؟
7. هل تكفي الشهرة لاختيار المعالج النفسي الجيد؟
هذا خطأ كبير جداً يقع فيه معظم الناس هو شهرة المعالج أو ظهوره على الكثير من الشاشات والفضائيات وعند اللجوء إليه يجد أن مشكلاته قد تضاعفت وازداد الأمر سوءاً لذلك كما ذكرت يجب الاطلاع على السيرة الذاتيه الخاصة بالمعالج والتأكد من جميع ما ذكرنا حتى لا نتعرى نفسياً أمام شخص غير مؤهل.
8. ارتفاع أجور العلاج النفسي تمنع الطبقة الفقيرة من أخذ فرصتها فيه فكيف ينبغي أن يتصرف الطبيب حيال ذلك؟
عدد المُعالجين النفسيين في مصر منذ عام 52 لم يتعدى الـ 300 معالج. نصفهم توفّي والنصف الآخر مهاجر فعدد المعالجين قليل جداً.
ولكن هناك العديد من المستشفيات والمراكز النفسية بمصر تعالج بالمجان.
9. ما الذي يمنع من قيام حملات مجانية للعلاج النفسي حول العالم؟
لا يوجد أي مانع وقد حدث بالفعل وقامت الأكاديمية العربية للعلوم النفسية بالعديد من حملات العلاج النفسي المجانية (حادث الكنيسة وحادث القطار).
10. علاقة الطبيب بزواره هل هي علاقه آلية ميكانيكية أم أن الطبيب يتأثر بهم كما يؤثر؟
ضمن البرنامج العلاجي يجب أن تتوفر إقامة علاجية بين العميل والمعالج وهي قائمة على الاحترام المتبادل والود والمحبة والثقه. المعالج بالطبع إنسان فقد صدر لي خلال معرض الكتاب 2020 أحدث مؤلفاتي كتاب "علمتني النفوس" وقمت فيه بتدوين كل ما تعلمته من تلك النفوس الراقيه فقد تعلمت منها ما لم أتعلمه في أي جامعة أو من أي كتاب برغم كثرة الشهادات العلمية التي حصلت عليها، فعندما أنصت إلى كل نفس من هذه النفوس برغم اختلافها وتعدد دولها أشعر أني أمام عالمٍ بأسره.
إعداد: نورهان النداف
بقلم الدكتور: أحمد هارون


0 Comments

إرسال تعليق