الأحد، 5 أبريل 2020

في فقهِ الكورونا بعيداً عنِ الطِّب..



إنّ الكلام التالي يبتعد عن المنحى الطبيّ ما استطاع، فليس صحيًّا أن يُناقش خرّيج آداب مسألة طبيّة بوجود هذا الكم الهائل من الأطبّاء الذين هم أقدر على مناقشة المسألة من هواة يقرؤون مقالات هنا وهناك ويسهل خداعهم إذا ما دخل المتكلّم في ثنايا الطبّ وغاص في أعماقه..
منذ مدة طويلة اجتاح العالم وباء ناتج عن فايرُس كان قد ظهر أوّل مرة قبل نحو تسع سنوات أو ما يقاربها، ولكنّه بحالة جديدة أكثر شراسة جعلت العالم قاطبةً رهين محبسه..
بعيدًا عن نشوء هذا الفايرس وظهوره المفاجئ في الصين، ثمّ انتقاله للعالم بسرعة جنونيّة كانتشار النار في الهشيم ينبغي أن يدور في ذهن أيّ إنسان هذا السؤال: ماذا بعد هذا كلّه؟!
ماذا بعد جلوس الناس في منازلهم وهذه الهزّة الاقتصاديّة القويّة التي أصابت أسواق العالم وما نتج عنها من غلاء تشهده كل دول العالم؟!
ثُمّ ماذا عن الحالات التي أُصيبت بفايرس كورونا ثمّ شُفيت من دون علاج وبأيّام قليلة؟!
لا شكّ أنّ الأسئلة السابقة لو علم الناس إجابتها لما كان الوضع اليوم على ما هو عليه، ولكن أدع الإجابة عنها لأهل الاختصاص الذين يعلمون القليل أو الكثير عن هذه المسألة.. ولكن الذي أريد الحديث عنه اليوم هو الوضع الاقتصادي الذي تتحكّم به دول عظمى معروفة للقاصي والداني..
كلّنا يعلم أنّ الإنسان العربي –بمعظمه- هو إنسان غير متعلّم وغير مثقّف ومعظم حياته تكون بطريقة أشبه بالبدائيّة في مختلف جوانب حياته، وبذلك سيضرّه هذا الوضع الحاليّ كونه إن لم يخرج من المنزل فسيؤول مصيره إلى الجوع، وحسب المرء أن يُقال له جوع ليعلم ما يتبعه من أمور غير محمودة..
لا شكّ أنّ هذا الوضع سيزول –إن شاء الله- وسيذهب هذا الفايرس ثمّ يأتي غيره ليُعيد ترتيب العالم مرّة أخرى بعد هذا الفايرس الكريه الذي لا نعلم من أسباب انتشاره أكثر من فطرة ممسوخة تأكلُ الجِيَف وتذَرُ الطيّبات وهذا أمرٌ لا يمكن السيطرة عليه إن لم تصدر به قوائم ذات لهجة شديدة من أسياد العالم الحاليّين الذين لا تعنيهم حقوق الإنسان التي صنّفوا فيها لوائح لا تنمّ سوى على كذِبٍ، ولكنّه كذب عالميّ بهيئة رسميّة حانية..
ولكن ماذا بعد زوال هذا المرض؟! ماذا بعد أن يعود الناس إلى أسواقهم؟! ماذا بعد أن يعود العامل إلى عمله؟!
حتمًا ثمّة دولٌ عظمى تستفيد من الوضع اليوم، وستستفيد من الوضع القادم بلا شك، ولكن ماذا يمكن أن تستفيد تلك الدّول؟ ولماذا أجزم كلّ هذا الجزم؟!
لو عدنا إلى قبل أربعة أو ستّ سنوات، إلى الوقت الذي ظهر فيه تنظيم "داعش" الذي هو اختصار لأربع كلمات: الدولة الإسلامية في العراق والشام، وطبعًا لا يحتاج المرء لكثير من الكلام ليثبت أنّ هذا التنظيم ليس بينه وبين الإسلام صلة قربى ولا عن بُعد سبع جدود، ولكنّه أقرب لتعليمات وثنيّة إجراميّة نضرب عنها صفحًا ولمن يريد الاطّلاع على هذه المعلومات فلينظر في مظانّها، ولكن ليس هنا..
المهم ما أودّ قوله هو أمر مهمّ جدًّا ينبغي التركيز عليه، وهو تلاعب الدول العظمى بمصير الشعوب في الدول المتأخّرة عن ركب الحضارة كمعظم بلداننا العربيّة..
لقد ظهر هذا التنظيم فجأة بأعداد كبيرة في العراق كما ظهر الكورونا فجأة في ووهان، ثمّ تزايد عدده كما تزايد عدد المصابين بكورونا بسرعة هائلة، ثمّ –وهو الأهمّ- صار عندهم قوّة اقتصاديّة هائلة تعادل 3% من قوّة الاقتصاد العالمي، وهي الذهب.. الذهب الذي هو معيار القوة الاقتصاديّة عند أيّ دولة، وعليه يُبنى ترتيب الدول في العالم من حيث القوة الاقتصاديّة التي تهيمن عليها اليوم دولة اسمها: (الولايات المتحدة الأمريكية)..
هذا الدولة التي لم يدخل (خزانتها) الماليّة مال بطريقة شرعيّة، ولكنّها مكاسب بدأت بقتل شعب آمن كان يعوم على جبال من ذهب لم يكن يدرك مدى قوّتها في إنشاء دولة قويّة كما هي الحال التي عليها الولايات المتحدة اليوم..
تتصدّر اليوم الولايات المتحدة دول العالم من حيث احتياطي الذهب الذي يتجاوز 8000 طن من الذهب يعود بمعظمه لشعوب الهنود الحمر الذين أبادوهم إلّا قليلًا منهم ما يزالون يتسكّعون اليوم في شوارع نيويورك وباقي الولايات الأخرى..
لنعد إلى داعش لئلّا تضيع الفكرة.. لقد سرق هذا التنظيم من بنوك الموصل وباقي المحافظات التي سيطر عليها أكثر من 50 طنًّا من الذهب الخالص جعبهم أكبر قوّة إرهابيّة تحكم مناطق في العالم..
50 طنًّا من الذّهب يعدل 10% من احتياطي البنك المركزي الأوروبي البالغ 504 أطنان من الذهب الذي يشكّل ما نسبته 33% من احتياطي الذهب العالمي..
ثمّ فجأة بعد عامين من هذا الظهور الباهر والحاد والهائل لهذا التنظيم يختفي فجأة إلّا بقايا من فلوله في مناطق تسيطر عليها الولايات المتّحدة في مكان ما..
طبعًا مسرحيّة رخيصة إلى هذا الحد ستنتهي بسيناريو سيّئ كذلك يتمثّل بسحب القادة الكبار من هذا التنظيم مع الذهب والدولارات التي صادروها من الأهالي والمصارف إلى بلادهم الأصليّة بحوّامات أمريكيّة هبطت بوقاحة فوق الأراضي التي يسيطر عليها هذا التنظيم من دون مناورة كعادة تلك الدولة..
عاد القادة الكبار الذين هم جنرالات وضبّاط في أجهزة المخابرات الأمريكيّة والأوروبيّة بالذّهب إلى تلك البلاد التي أرسلتهم لهذا الغرض بالحوّامات التي لم نرَها حين جاءت بهم، كأبي جون البريطاني وأبي محمّد الفرنسي.. والعم سام الأمريكي..
يروي لي صديق كان أحد أقربائه يعمل على سيّارة لنقل البضائع ضمن المدينة أنّه جاء إليه رجلان من ذلك التنظيم يريدانه أن يصطحبهما إلى مكان في البر خارج المدينة وبصحبتهما أكياس كبيرة من المال، فلمّا جاءت الحوّامة أفرغوا حمولة السيّارة في الحوّامة عدا كيس فيه نقود سوريّة رموه للرّجل قائلين إنّ هذه أجرته..
طبعًا هذا الموقف ليس وحده الذي حدث، ولكنّه الوحيد الذي حدث أمام ذلك الرّجل الذي علمتُ الأمر من خلاله..
لقد عاد أرباب التنظيم الحقيقيين إلى بلادهم بالذّهب، وتركوا لنا أوراقًا فرضوها علينا ليكون لهم الأمر في الاقتصاد الذي نجهل خفاياه لأنّنا لم نضع قواعده، وإنّما استوردناه بشكله المُشوّه الذي أحببناه، لأنّ منظر المئة دولار أنيقة أكثر من الذهب أو الفضة التي نخشى على هيئتنا أو (بريستيجنا) ونحن نحملها في جيوبنا..
والآن وبعد أن عادوا إلى ديارهم، والآن وفايرس كورونا يفتك بالناس كما فتكت بهم داعش، والآن.. ولاحقًا بعد انحسار هذا الوباء.. ما رأيك أنت فيما يحدث بعيدًا عمّا يقولون لك من خلال التلفاز؟!
بقلم: جعفر الدندل

0 Comments

إرسال تعليق