مع اقتراب العيد وفي ظل هذا الارتفاع الهائل في الأسعار لاسيما في دمشق، والذي يسببه التجار الذين سبق قول النبي -صلى الله عليه وسلم- عنهم بأنهم الفُجّار، أترك بين أيديكم هذه النصيحة الثمينة التي قد تساعدكم في هذه الأيام، وأرجو أن تنشروها عنّي ما استطعتم.
منذ ثلاث سنوات عملتُ بائعًا في محل في سوق_الصالحية في بيع أغطية الرأس النسائية التي يسمونها الحجابات.. واستمرَّ عملي قرابة شهر ونصف، وكانت هذه التجربة مهمة لي؛ لأنّها ساهمَت في زيادة وعيي لِمَا يجري في الأسواق، ولِمَا كنتُ أقع فيه كثيرًا من سلبي نقودي بحجة أنّ البضاعة ثمينة وأنّها تُباع في الصالحية..
أوّلًا ما أودُّ قوله من وراء هذا المنشور أنّ الألبسة التي تباع في أسواق باب الجابية والحريقة وسوق الصوف وغيرها هي كالتي تُباع في الصالحية والحمراء ومحلات الشعلان عدا محلات الماركات..
ولكن الفرق أنّها تكون في تلك الأسواق أغلى؛ لأنّ تكاليف المحلات أعلى من حيث الأجرة وضرائب الدولة وغير ذلك.. يعني بصريح العبارة أنتم تدفعون لهم تلك التكاليف..
وقد يقول قائل: لا، أنت مخطئ، البضاعة هناك أفضل..
سأقول لك بالنسبة لمحلات الماركات نعم، فتلك شركات لها معاييرها في التصنيع، ولكن أنا أحدثك عن المحلات العادية التي تبيعك البنطال ذا الصناعة الوطنية على أنه تركي أو أوروبي مع مئة يمين بالله تعالى!
وتعال معي في جولة سريعة وراء كواليس هذا السوق، واسمح لي أن أبدأ من المحل الذي عملتُ فيه..
لقد كانت الأسعار في ذلك المحل تبدأ من 500 ليرة لأسوأ أنواع الحجابات وهو كذلك الذي ترتديه نسوة الغجر، وينتهي بـ12 ألف ليرة وهو لما يُسمى بالحرير، وهو ليس حريرًا البتة، ولكنه لنوعٍ من الأقمشة مشغولٌ بطريقةٍ تجعله قريبًا من ملمس الحرير..
وإليك الأسعار الحقيقية للبضاعة:
الذي يُباع بـ1500 سعره الحقيقي بين الـ150 إلى 400 ليرة فقط.
الذي يُباع بـ2500 سعره الحقيقي بين 400 إلى 500 ليرة.
الذي يُباع بـ4000 و5000 سعره الحقيقي لا يتجاوز 800 ليرة
الذي يباع بـ7000 وصاعدًا سعره الحقيقي يكون بين الـ1000 إلى 1300 أو 1500 حدًّا أقصى..
فإذا قال لك البائع والله هذه القطعة أغلى من غيرها فصدقه نعم، ولكن لا تصدق ما يقول بعد ذلك؛ ولهذا تجدهم إذا ما جاءهم زبونٌ من أصحاب الخبرة بكذبهم فإنّهم ينزلون بالأسعار إلى درجات هائلة لم تكن تتصورها..
هذا عدا عن أنه كان يحضر أغلب بضاعته من سوق الحريقة، ويعطيني أنا وزميلي في العمل مقصين لنُزيل الورقة المكتوب عليها اسم المعمل، والحُجة أنّه قد اشترى البضاعة بماله ولا يريد أن (يعمل دعاية لحدا عندي بالمحل) كما كان يقول.. ولكن الحقيقة أنّه كان يبيع تلك الحجابات على أنّها #أوروبية وقد حصل عليها عن طريق تاجر يأتي ببضاعته (تهريب)..
كان يبيعها بـ3000 وقد اشتراها بـ500..
وغير ذلك كثير مما لا يتسع المقام لذكره..
ثم لنذهب إلى محلات الألبسة الرجالية والأحذية..
هل سبق لك أن دخلتَ محلًّا لتشتري (كنزة) ووجدتَ مقاسها صغيرًا وقلتَ للبائع أريد أكبر، فقال لك سأرسل من يحضرها من محل آخر لصديقي فلان؟
فيرسل اثنين من العاملين عنده ليعودوا بعد قليل وقد أحضروها لك ثم تلبسها وتجدها قد صارت على مقاسك؟!
إليك ما حصل وأنت غافلٌ عنه..
لقد خرج الشابان وذهبا لمكان لا تراهما فيه، ثم مسك كل واحد منهما طرفًا من أطراف الكنزة وصار كل واحد منهما يشدّ إلى طرفه إلى أن تتراخى القماشة وتتمزع خيوطها فتصبح (أكبر بنمرة) كما طلبتَ أنت، ولكن الفرق أنّ البائع قد أعطاك قطعةً قد أصابها تلفٌ، ولم يُحضِر لك أخرى جديدة، ومع_ذلك قد يستغفلك ويأخذ سعرًا أكبر من قبل؛ #لأنه قد أحضرها من جاره (الغلوجي) كما يقول لك عادة..
أذكر في ذلك الوقت -أي وقت عملي في ذلك السوق- أردتُ شراء معطف (جاكيت)، وكان قد أعجبني معطفٌ في ذلك السوق، ولكن بعد أن رأيت الوضع على ما هو عليه من احتيال وخِداع ذهبتُ إلى سوق الصوف لأرى ما عندهم، فرأيت واحدًا مثل الذي أعجبني، فاشتريته باثني عشر ألف ليرة، وبعد أن خرجتُ من السوق رأيتُ مثله في باب الجابية، ومع أنّ الأسعار هناك منخفضة إلّا أنّ البائع قال لي إنّ سعره هو 17 ألف ليرة، فقلت لأذهب وأسأل البائع الذي في الصالحية عن سعره، وفعلًا ذهبتُ وارتديتُه قبل دخولي إلى المحل لغاية في نفسي، فسألته هل عندك مثل المعطف الذي أرتديه، فقال: إنّ الذي ترتديه ليس جيّدًا ولكن عندي ما هو أفضل (الكذبة الأولى)..
أمسكتُ الذي أعطاني إيّاه فإذا هو لنفس الشركة المصنعة، فقلت له: نفس محل الصنع ونفس الطراز (الموديل) فكيف الذي عندك أفضل؟
قال الذي ترتديه طرازه قديم -فقد اعتقد أنّه من العام الماضي وأنّني جئتُ لأشتري واحدًا جديدًا؛ فيكون كلامه بهذه الحال مقنعًا لي أكثر- ثم تابع حديثه عن الأقمشة الجديدة وجودتها وسعر الدولار الذي ارتفع بين عامي 2016 و2017 وإلى آخر هذا الكلام الذي نسمعه كثيرًا من أرباب المحلات التجارية (الكذبة الثانية)..
المهم في النهاية وبعد كل تلك المقدمات وذلك التبخيس الذي ناله معطفي القديم -الجديد- قال لي إن معطفه الفريد ذاك سعره 25 ألف ليرة! (الضربة القاضية)..
ولأنّني (زبونه) ويعرفني من زمان -كما يقول- فإنّه سيُراعيني إلى الـ22 ألفًا، ولكن أقل من ذلك (والله -مع كسر الهاء- بيخسر).. (الكذبة رقم لا أدري ماذا)..
وكأنه كان سيربح ليرة واحدة!
والكلام يطول ويطول، ولا تتسع له مجلدات في وصف جشع أولئك التجار الفجار الذين لا يرقبون في إخوانهم من المسلمين إلًّا ولا ذمة..
الإسلام حينما لم يقيد الربح بنسبة معينة وتركه مفتوحًا فإنّه قد قال للتاجر أن يراعي إخوانه، لا أن يستغلهم ويقسو عليهم منتهزًا فرصة حاجتهم وعوزهم للمطالب الأساسية للحياة..
ملحوظة منعًا لظهور المتطفلين: هذا الكلام أقوله عن معاينة بنفسي في ذلك السوق، فلا يخرج لي أحدٌ ممن يمتلك محلًّا أو يعمل فيه يريد أن يجعلني أهرف بما لا أعرف، وأقول: إنّ من كان عنده محلٌّ في ذلك السوق ولا يفعل شيئًا مما ذكرته فربما يكون كلامه صحيحًا، ويكون من القلّة الذين يشذون دومًا عن القواعد، وأولئك -في الصالحية- نسبتهم لا تتجاوز 5%..
ولكن الأسعار الحقيقية في ذلك السوق وغيره من الأسواق المشابهة لا تتجاوز الـ20% في أعلى درجاتها من سعر البضاعة التي يعرضونها في محلاتهم..
والله من وراء القصد.
بقلم: جعفر الدَّندل
منذ ثلاث سنوات عملتُ بائعًا في محل في سوق_الصالحية في بيع أغطية الرأس النسائية التي يسمونها الحجابات.. واستمرَّ عملي قرابة شهر ونصف، وكانت هذه التجربة مهمة لي؛ لأنّها ساهمَت في زيادة وعيي لِمَا يجري في الأسواق، ولِمَا كنتُ أقع فيه كثيرًا من سلبي نقودي بحجة أنّ البضاعة ثمينة وأنّها تُباع في الصالحية..
أوّلًا ما أودُّ قوله من وراء هذا المنشور أنّ الألبسة التي تباع في أسواق باب الجابية والحريقة وسوق الصوف وغيرها هي كالتي تُباع في الصالحية والحمراء ومحلات الشعلان عدا محلات الماركات..
ولكن الفرق أنّها تكون في تلك الأسواق أغلى؛ لأنّ تكاليف المحلات أعلى من حيث الأجرة وضرائب الدولة وغير ذلك.. يعني بصريح العبارة أنتم تدفعون لهم تلك التكاليف..
وقد يقول قائل: لا، أنت مخطئ، البضاعة هناك أفضل..
سأقول لك بالنسبة لمحلات الماركات نعم، فتلك شركات لها معاييرها في التصنيع، ولكن أنا أحدثك عن المحلات العادية التي تبيعك البنطال ذا الصناعة الوطنية على أنه تركي أو أوروبي مع مئة يمين بالله تعالى!
وتعال معي في جولة سريعة وراء كواليس هذا السوق، واسمح لي أن أبدأ من المحل الذي عملتُ فيه..
لقد كانت الأسعار في ذلك المحل تبدأ من 500 ليرة لأسوأ أنواع الحجابات وهو كذلك الذي ترتديه نسوة الغجر، وينتهي بـ12 ألف ليرة وهو لما يُسمى بالحرير، وهو ليس حريرًا البتة، ولكنه لنوعٍ من الأقمشة مشغولٌ بطريقةٍ تجعله قريبًا من ملمس الحرير..
وإليك الأسعار الحقيقية للبضاعة:
الذي يُباع بـ1500 سعره الحقيقي بين الـ150 إلى 400 ليرة فقط.
الذي يُباع بـ2500 سعره الحقيقي بين 400 إلى 500 ليرة.
الذي يُباع بـ4000 و5000 سعره الحقيقي لا يتجاوز 800 ليرة
الذي يباع بـ7000 وصاعدًا سعره الحقيقي يكون بين الـ1000 إلى 1300 أو 1500 حدًّا أقصى..
فإذا قال لك البائع والله هذه القطعة أغلى من غيرها فصدقه نعم، ولكن لا تصدق ما يقول بعد ذلك؛ ولهذا تجدهم إذا ما جاءهم زبونٌ من أصحاب الخبرة بكذبهم فإنّهم ينزلون بالأسعار إلى درجات هائلة لم تكن تتصورها..
هذا عدا عن أنه كان يحضر أغلب بضاعته من سوق الحريقة، ويعطيني أنا وزميلي في العمل مقصين لنُزيل الورقة المكتوب عليها اسم المعمل، والحُجة أنّه قد اشترى البضاعة بماله ولا يريد أن (يعمل دعاية لحدا عندي بالمحل) كما كان يقول.. ولكن الحقيقة أنّه كان يبيع تلك الحجابات على أنّها #أوروبية وقد حصل عليها عن طريق تاجر يأتي ببضاعته (تهريب)..
كان يبيعها بـ3000 وقد اشتراها بـ500..
وغير ذلك كثير مما لا يتسع المقام لذكره..
ثم لنذهب إلى محلات الألبسة الرجالية والأحذية..
هل سبق لك أن دخلتَ محلًّا لتشتري (كنزة) ووجدتَ مقاسها صغيرًا وقلتَ للبائع أريد أكبر، فقال لك سأرسل من يحضرها من محل آخر لصديقي فلان؟
فيرسل اثنين من العاملين عنده ليعودوا بعد قليل وقد أحضروها لك ثم تلبسها وتجدها قد صارت على مقاسك؟!
إليك ما حصل وأنت غافلٌ عنه..
لقد خرج الشابان وذهبا لمكان لا تراهما فيه، ثم مسك كل واحد منهما طرفًا من أطراف الكنزة وصار كل واحد منهما يشدّ إلى طرفه إلى أن تتراخى القماشة وتتمزع خيوطها فتصبح (أكبر بنمرة) كما طلبتَ أنت، ولكن الفرق أنّ البائع قد أعطاك قطعةً قد أصابها تلفٌ، ولم يُحضِر لك أخرى جديدة، ومع_ذلك قد يستغفلك ويأخذ سعرًا أكبر من قبل؛ #لأنه قد أحضرها من جاره (الغلوجي) كما يقول لك عادة..
أذكر في ذلك الوقت -أي وقت عملي في ذلك السوق- أردتُ شراء معطف (جاكيت)، وكان قد أعجبني معطفٌ في ذلك السوق، ولكن بعد أن رأيت الوضع على ما هو عليه من احتيال وخِداع ذهبتُ إلى سوق الصوف لأرى ما عندهم، فرأيت واحدًا مثل الذي أعجبني، فاشتريته باثني عشر ألف ليرة، وبعد أن خرجتُ من السوق رأيتُ مثله في باب الجابية، ومع أنّ الأسعار هناك منخفضة إلّا أنّ البائع قال لي إنّ سعره هو 17 ألف ليرة، فقلت لأذهب وأسأل البائع الذي في الصالحية عن سعره، وفعلًا ذهبتُ وارتديتُه قبل دخولي إلى المحل لغاية في نفسي، فسألته هل عندك مثل المعطف الذي أرتديه، فقال: إنّ الذي ترتديه ليس جيّدًا ولكن عندي ما هو أفضل (الكذبة الأولى)..
أمسكتُ الذي أعطاني إيّاه فإذا هو لنفس الشركة المصنعة، فقلت له: نفس محل الصنع ونفس الطراز (الموديل) فكيف الذي عندك أفضل؟
قال الذي ترتديه طرازه قديم -فقد اعتقد أنّه من العام الماضي وأنّني جئتُ لأشتري واحدًا جديدًا؛ فيكون كلامه بهذه الحال مقنعًا لي أكثر- ثم تابع حديثه عن الأقمشة الجديدة وجودتها وسعر الدولار الذي ارتفع بين عامي 2016 و2017 وإلى آخر هذا الكلام الذي نسمعه كثيرًا من أرباب المحلات التجارية (الكذبة الثانية)..
المهم في النهاية وبعد كل تلك المقدمات وذلك التبخيس الذي ناله معطفي القديم -الجديد- قال لي إن معطفه الفريد ذاك سعره 25 ألف ليرة! (الضربة القاضية)..
ولأنّني (زبونه) ويعرفني من زمان -كما يقول- فإنّه سيُراعيني إلى الـ22 ألفًا، ولكن أقل من ذلك (والله -مع كسر الهاء- بيخسر).. (الكذبة رقم لا أدري ماذا)..
وكأنه كان سيربح ليرة واحدة!
والكلام يطول ويطول، ولا تتسع له مجلدات في وصف جشع أولئك التجار الفجار الذين لا يرقبون في إخوانهم من المسلمين إلًّا ولا ذمة..
الإسلام حينما لم يقيد الربح بنسبة معينة وتركه مفتوحًا فإنّه قد قال للتاجر أن يراعي إخوانه، لا أن يستغلهم ويقسو عليهم منتهزًا فرصة حاجتهم وعوزهم للمطالب الأساسية للحياة..
ملحوظة منعًا لظهور المتطفلين: هذا الكلام أقوله عن معاينة بنفسي في ذلك السوق، فلا يخرج لي أحدٌ ممن يمتلك محلًّا أو يعمل فيه يريد أن يجعلني أهرف بما لا أعرف، وأقول: إنّ من كان عنده محلٌّ في ذلك السوق ولا يفعل شيئًا مما ذكرته فربما يكون كلامه صحيحًا، ويكون من القلّة الذين يشذون دومًا عن القواعد، وأولئك -في الصالحية- نسبتهم لا تتجاوز 5%..
ولكن الأسعار الحقيقية في ذلك السوق وغيره من الأسواق المشابهة لا تتجاوز الـ20% في أعلى درجاتها من سعر البضاعة التي يعرضونها في محلاتهم..
والله من وراء القصد.
بقلم: جعفر الدَّندل
0 Comments
إرسال تعليق